19-أبريل-2024

بعد أشهر من المباحثات، لا تزال محادثات الاتفاق النووي تراوح مكانها، والتي كان آخرها اجتماعات جرت في العاصمة القطرية، الدوحة، أخيرا.

وأعربت الولايات المتحدة عن “خيبة أملها” لعدم إحراز “أي تقدم” في المفاوضات، كما حمّل المجتمع الدولي طهران مسؤولية “فشل المحادثات”.

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى لوكالة “رويترز”، إن “أي مؤشرات لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران باتت أسوأ”، مضيفاً أن طهران “قدمت مطالب مبهمة، وطلبت أشياء لا علاقة لها بالاتفاق النووي، وأعادت فتح ملفات تم حسمها”.

وشبه المسؤول الأميركي مفاوضات الدوحة بـ “تبادل المياه بأفضل أشكاله، والسير إلى الوراء بأسوئها”، مؤكداً أن “التوقعات بإحياء الاتفاق النووي باتت تسوء من يوم لآخر”.

المحلل السياسي، عامر سبايلة، يرى أن على الولايات المتحدة التعايش مع فكرة “اللاتفاق مع إيران” حول الملف النووي.

وأوضح في حديث لموقع “الحرة”، أن “هذا الأمر يعني خسارة إيران للطرق الدبلوماسية، التي كانت تعول عليها للعودة للمجتمع الدولي”، مشيراً إلى أن استضافة الدوحة للمفاوضات كان أمرا إيجابيا يعول عليه لإجراء “مفاوضات مباشرة بين واشنطن وطهران”.

من جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني، علي رجب، إن “الإيرانيين يجيدون لعبة التفاوض وإطالة أمد المباحثات، إذ تطمح طهران للحصول على مكاسب كبيرة من خلال الضغط على واشنطن والقوى الغربية باستمرار برنامجها في تخصيب اليورانيوم”.

وزاد رجب في رد على استفسارات “الحرة”، أن استمرار “فشل المباحثات” يعني أن على واشنطن التعامل مع هذا الملف بمقاربة مختلفة بالعودة إلى “سياسة الضغط الأقصى” بفرض وتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران.

ويرى أن “فشل المحادثات” تتيح “لإسرائيل الضغط بشكل أكبر على الإدارة الأميركية للتخلي عن المسار الدبلوماسي مع طهران، والتوجه لخيارات أخرى لمنع إيران من الاستمرار في برنامجها النووي”.

وإلى جانب خيارات العقوبات الاقتصادية، لم يستبعد رجب إمكانية دراسة واشنطن للخيار العسكري من خلال “استهداف المنشآت الإيرانية النووية بضربات محدودة تعرقل الجهود النووية”.

ونقلت “رويترز” عن علي فايز، وهو متخصص بالشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية، أن “هناك تكلفة حقيقية لإعلان فشل المحادثات، وهي ترتفع مع كل محاولة دبلوماسية تفشل.. وسط تنامي وجود بدائل محفوفة بالمخاطر”.

وقال مسؤول إيراني للوكالة لم تذكر اسمه، إن “اجتماع الدوحة وجه رسالة إلى دول الخليج. بأن إيران تؤمن بالدبلوماسية كحل لجميع القضايا على عكس ما تدعي إسرائيل”.

وأضاف، “لسنا مستعجلين. إيران ستنجو بوجود الاتفاق أو من دونه. وبرنامجنا النووي يتقدم في كل يوم. الوقت في صالحنا. نريد صفقة تخدم مصالحنا الوطنية 100 في المئة”.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، الخميس “تصميم” بلاده على مواصلة المفاوضات حول برنامجها النووي، بعد يومين من المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة التي جرت في الدوحة.

وقال عبداللهيان في بيان بعد مكالمة هاتفية مع نظيره القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: “نحن مصممون على مواصلة المحادثات حتى يتم التوصل إلى اتفاق واقعي”.

وأفاد تحليل “رويترز”، أن “تقارب المحور العربي الإسرائيلي يمكن أن يدفع إيران أكثر للمحادثات النووية”، خاصة في ظل التوجهات لتوسيع اتفاقات السلام بين إسرائيل ودول عربية.

وكانت إسرائيل قد كررت تهديداتها بمهاجمة مواقع نووية إيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في احتواء طموحات طهران النووية.

ويرى المحلل سبايلة، أن “موقف طهران التفاوضي يشهد تراجعا خاصة مع التغييرات التي تحدث على صعيد المنطقة، وبالأخص في ظل التحالفات الخليجية وتوجهات توسيع دائرة السلام مع إسرائيل”.

بدوره يؤكد المحلل رجب، أن الإيرانيين منزعجون “من التقارب الخليجي الإسرائيلي”، الأمر الذي قد يعني وضع “طهران في مواجهة في المنطقة”.

وأضاف، أن على واشنطن “التنبه لمساعي إيران في كسب الوقت من أجل تطوير سلاحها النووي، وفي الوقت ذاته، قد تفعل طهران أذرعها في ضرب أهداف ومصالح أميركية وإسرائيلية في المنطقة”.

ونقلت “رويترز” عن محللين قولهم، إن “تغير موازين القوى في الشرق الأوسط” بعد الحديث عن “تحالف عربي – إسرائيلي” محتمل يجب أن يدفع طهران إلى مواصلة المحادثات النووية مع القوى العالمية.

وأشارت الوكالة، إلى أن السيناريو البديل لإيران “قد يكون حربا في منطقة تتطور فيها التحولات الجيوسياسية إلى تحالف تقوده واشنطن معاد لطهران” وفق ما قال مسؤولون إيرانيون.

سنام وكيل، محلل سياسي من مركز “تشاتام هاوس” البريطاني، قال لـ”رويترز”، إن “طهران ستسعى لإضعاف أي تكتل إقليمي مناهض لطهران. وهي ستبحث عن طرق انتهازية لتقسيم دول المنطقة والتسلل إلى التحالف في حالة تطوره”.

وقال مسؤول إيراني كبير للوكالة، إن “المنطقة والتحالفات تتغير. إسرائيل تطبع العلاقات مع دول عربية ويؤيد الأميركيون هذه التطورات.. هذه تهديدات خطيرة يجب إحباطها. أعداؤنا يصلّون من أجل إنهاء المحادثات النووية، وهذا لن يحدث”.

وقال ريتشارد ميلز، نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، إن الولايات المتحدة، ما زالت مستعدة للعودة الكاملة إلى الاتفاق النووي، بينما “إيران لم تبد حتى الآن أي حرص على إبرام الاتفاق”.

وأضاف، “نشعر بقلق إزاء خطوات اتخذتها طهران تقوض مراقبة الوكالة الدولية”.

وكانت طهران أعلنت قبل أيام، أنها “ستغلق 27 كاميرا”، كانت تسمح للمفتشين الدوليين بمراقبة أنشطتها النووية، بعد أن تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا ينتقد عدم تعاونها.

وحذّر المدير العام للوكالة، رافايل غروسي، من أنه “باتخاذ هذه القرارات، يصبح إحياء الاتفاق أكثر صعوبة”.

والخميس، دعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا الموقعة للاتفاق النووي الإيراني طهران إلى وقف التصعيد و”معاودة التعاون الكامل” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية غداة فشل المحادثات المتعددة الأطراف في الدوحة.

وفي مجلس الأمن الدولي، شددت الصين وروسيا، البلدان الآخران الموقعان الاتفاق النووي على أهمية الحفاظ عليه.

وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، عام 2018، في عهد رئيسها السابق، دونالد ترمب، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

وردت إيران بعد عام ببدء التراجع عن كثير من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.

المصدر: الحرة