28-مارس-2024

مع بدء شهر رمضان المبارك يبدو ان “محركات” تشكيل الحكومة قد أطفئت، فالكباش بين الفريقين المتناحرين مستمر والتعقيدات لا تزال على حالها، وبعد مشكلة الثلث الضامن ومسألة توزيع الحقائب واختيار الأسماء وتأليف حكومة من 18 أو 24 وزيرا برزت معضلة التدقيق الجنائي.

وفيما الطبقة السياسية غارقة في المناكفات والاجتهادات والشروط والشروط المضادة غير آبهة بمصير شعب بأكمله يُعاني من أسوأ أزمة في تاريخ البلد، يعيش اللبناني قلقاً كبيراً حيث بات همه الوحيد تأمين لقمة عيشه في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وعدم ثبات سعر صرف الدولار، وأصبح يعيش على “التقنين” ليس فقط بالكهرباء بل ايضاً بالمحروقات والخبز والسلع وحتى بماله، فهو ينتظر على باب المصارف لكي يتمكن من سحب مبلغ ولو بسيط من “جنى عمره” الذي وضعه في المصارف ليتمكن من العيش بظل الأوضاع السيئة التي فُرضت عليه.

المواطن اللبناني يسأل: هل سيتمكن يوما ما من استعادة أمواله من المصارف أم انها طارت كما طار البلد؟

من المعلوم ان قسماً كبيراً من أموال المودعين ذهب لتغطية” كلفة” الفساد، والهدر التهريب والصفقات والمحاصصة وتمويل مشاريع وهمية، يعني باختصار الدولة سرقت مال مواطنيها والسرقة مستمرة على “عينك يا تاجر” وخير مثال على ذلك إقرار سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 300 مليار ليرة تمنح من الاحتياط الالزامي لمصرف لبنان أي ان تمويلها تم من أموال المودعين في المصرف المركزي والبالغة 17 مليار دولار.

من دون ان ننسى ان سياسة الدعم تهدد ما تبقى من الاحتياط الإلزامي لودائع اللبنانيين في مصرف لبنان.

أين ذهبت الودائع؟

المعادلة الحسابية بسيطة، المصارف أقرضت على مدى سنوات مصرف لبنان جزءا من ودائع العملاء بالدولار، أما مصرف لبنان فقام بإقراض الدولة بالليرة اللبنانية.

وفي هذا الإطار يقول أحد الخبراء الاقتصاديين انه حتى لو ردت الدولة الأموال التي اقترضتها لمصرف لبنان فهي ستقوم بسدادها بالليرة والمصرف المركزي يجب أن يُسدد الأموال للمصارف بالدولار، وبالتالي هناك فرق سعر الصرف بسبب تدهور قيمة الليرة ما سيخلق خسارة كبيرة.

ويؤكد خبراء اقتصاديون في السياق نفسه ان لا إشكالية بالودائع بالليرة اللبنانية بل مشكلة المصارف بالدولار، مشددين على وجوب وضع المصارف خارطة طريق لإعادة أموال المودعين الأمر الذي قد يريحهم ويعطيهم بارقة أمل بإمكانية استعادة أموالهم خلال فترة زمنية معينة .

علما ان الودائع هي التزام قانوني وليس هناك إمكانية لإلغاء أي التزام من قبل المصارف لأن الدستور يحمي الودائع.

طمأنة المودعين

وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني قال في آخر إطلالة تلفزيونية له إنّ “أموال المودعين لم تتبخر كما أنها غير محفوظة، بل ان قيمتها تناقصت مع تدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار، مشدداً على ضرورة “إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمالي وتشكيل حكومة فاعلة وذات ثقة تبدأ بالإصلاحات الفعلية وتبرم اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي من أجل تمكن المودعين من استعادة أموالهم”.

وطمأن وزني المودعين على أموالهم في حال بدأت المعالجة السياسية والاقتصادية والاصلاحات الجدية، مشيرا إلى قيمة الودائع ستتحسن كلما تحسن وضع الدولار.

من جانبها، جمعية مصارف لبنان أكدت مؤخرا في بيان ان المصارف ملتزمة وتلتزم دوماً حقوق المودعين في الحصول على إدخاراتهم، وأعلنت انه فور إعادة الدولة الأموال المستدانة من المصرف المركزي سيكون في مقدورها المباشرة بإعادة الحقوق الى أصحابها إلاّ أن ذلك يقتضي تشكيل حكومة متجانسة تضع خطة عقلانية مجدية تكون أساساً للتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتسمح بتحرير المساعدات والإستثمارات.

إطلاق المنصة

إلى ذلك من المقرّر أن يُطلق مصرف لبنان في 16 نيسان الحالي المنصة الخاصة بالدولار سعياً لضبط سعر الصرف بعدما وصل إلى مستويات قياسية.

الا ان مصادر مصرفية نفت علمها بموعد بدء العمل بالمنصّة، وذكرت أن المصارف المشارِكة في المنصّة لم تتبلغ بعد الموعد المحدّد لإطلاقها ولم تستبعد أن يحدّد مصرف لبنان موعداً جديداً لإطلاقها.

علما ان سعر صرف الدولار شهد ارتفاعاً في الأيام الأخيرة حيث وصل إلى 13 ألف قبل ان ينخفض أمس إلى 12 ألف ليرة.

وفي هذا الإطار، لم يستبعد خبير اقتصادي ان يعاود الدولار ارتفاعه وان يصل مجدداً إلى 15 ألف ليرة في ظل عدم إمكانية تشكيل حكومة قريباً.

لبنان 24