29-مارس-2024

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”: 

كان متوقّعاً أن يعتصم أصحاب السيارات والفانات العمومية عند دوار كفررمان النبطية، الدوار الذي يبعد بضعة امتار فقط عن ثلاث محطات مقفلة منذ ايام، ويتحكّم أصحابها بتوقيت فتح ورفع الخراطيم وفقاً لإتصالات من تحت الطاولة يجري خلالها وضع الخطوط العريضة للضغط اكثر على حساب طوابير الناس التي تنتظر ساعات وساعات للحصول على 10آلاف ليرة بنزيناً، في حين يضع عدد من المحطات شرطاً جديداً للحصول على “تفويلة” بنزين بدفع 5 آلاف ليرة “براني”، هذا عدا عن توقف المحطات المتعاقدة مع القوى الامنية عن تعبئة البنزين لمن يحمل “بطاقة” أو “بون” بذريعة ان الدولة لا تدفع لهم المستحقات المتوجبة عليها، ما يضع العسكريين تحت ازمة مضافة الى ازمة معاشاتهم المتآكلة. 
على بعد تلك الامتار وهذا المشهد، لم يلتئم شمل اصحاب الفانات كما كان متوقعاً، فالخلاف الحاصل داخلهم انعكس على الارض. حضرت القوى الامنية وآليات الجيش اللبناني، ولم يحضر اصحاب الإعتصام ليطالبوا بحقوقهم التي ظلّوا اسبوعاً كاملاً يهدّدون برفع مستواها اذا لم تتجاوب الدولة مع مطالبهم.

وفيما رمى البعض الحجّة على أنّ “كل واحد مرتبط بعمل”، تناسى الجميع انهم تداعوا للاعتصام لأجل تحسين عملهم، وشروطهم الاساسية تأمين بطاقة محروقات لهم ودعمهم على كافة الصعد، والاهم التحرك على صعيد الضمان الاجتماعي، إذ وِفق المعلومات فإنّ الضمان توقف عن تلقي فواتير وادوية المرضى لأنّ الحكومة لا تدفع ما عليها من مستحقّات. كل تلك المعاناة لم تحثّهم على التحرّك باتجاه الحقوق التي تنادوا اليها، وشهدت العاصمة بيروت مسيرات صبت في خانة المطالب السالفة الذكر.

أكثر من ساعتين من انتظار حضور المعتصمين، ولكن “ما تنده ما في حدا”، غير أنّ اصحاب الشاحنات على خط الريحان ـ عرمتى كانوا يتحركون بإتجاه مطالب مختلفة كلياً، فهؤلاء تحرّكوا للمطالبة برفع الحجر عن الكسارات والمرامل، على حسب قولهم “قطاع البناء مهدّد”. حاول اصحاب الشاحنات ايصال الصوت باتجاه مطالبهم “بدنا نشتغل، اتركونا”، أكدوا أنّ عملهم مرتبط بقطاع البناء المتوقّف منذ فترة بسبب الظروف الراهنة، وشهد تراجعاً وانحداراً خطيراً خلال السنتين الماضيتين، ما أدّى الى خسارة كبار تجار البناء رأسمالهم، ودفع بالناس للتوقّف عن شراء الشقق السكنية بسبب ارتفاع ثمنها، وبيعها على سعر صرف الدولار بالسوق الموازية. هذا ناهيك عن توقّف المرامل والكسارات ما أدّى الى انقطاع الامداد الرئيسي المطلوب لورش البناء.

كل ذلك دفع بأصحاب الشاحنات لرفع الصوت والتحرّك على طريق العيشية، حيث توقّفت الشاحنات في منتصف الطريق لبعض الوقت، علّ صوتهم يصل للمعنيين الذين وِفق أحدهم “يغضّون الطرف عن اوجاع الناس وينشغلون في توزيع المغانم”، ويؤكّد “أنّ صرختهم هي بوجه المسؤولين الذين أفقدوا الناس قدرتهم الشرائية ويمعنون في حصارهم اقتصادياً بشكل خطير”.

ويرى نقيب اصحاب الشاحنات خليل شبيب “أنّ اقفال المرامل ببدعة البيئة مناف للشروط القانونية”، ويعلّل رأيه بالقول: “إن السلطة تمنح ترخيصاً لمدة سنة وبعد سحب الرمول في الشهر الأول، وقبل البدء بتجليل الارض وزراعتها يجري سحب الترخيص وهو أمر غير قانوني”، معتبراً أنّ “هذه القرارات الجائرة دفعت بقطاع البناء للتوقّف، فالمواد الأولية المطلوبة إمّا غير متوفرة أو أسعارها مرتفعة”، ويضرب مثلاً الترابة “حيث يباع الطن بمليون و400 الف ليرة في حين السعر الرسمي 250 الفاً بحسب قرار وزير الصناعة”، ويسأل شبيب “من المسؤول عن هذا الفلتان القائم تحديداً في الجنوب، ولماذا الحصار يطال الجنوب دون سواه؟ ففي الوقت الذي تعمل المرامل في غير قرى برخصة وبغير رخصة بشكل طبيعي فإنها ممنوعة في الجنوب”.

ويردف قائلاً: “إذا اردتم انعاش الخزينة أنعشوا قطاع البناء لأنّه يدرّ اموالاً طائلة ويسهم في دعم الدولة”. قال اصحاب الشاحنات كلمتهم ومضوا في طريق شبه مقفلة اقتصادياً، ولكن السؤال هل تلقى صرختهم آذاناً صاغية لدى دولة ربما تحتاج الى اعادة بناء هيكلها الاقتصادي والمالي المتهاوي. الاجابة برسم الايام المقبلة.

MTV