19-أبريل-2024

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

أزمة المياه أطلّت برأسها من جديد، ومعها بدأت معاناة الناس وصراعهم مع فواتير تُدفع مرتين، وربّما ثلاث مرّات: مرّة للصهريج، ومرّة للشرب، ومرّة لجابي المياه الذي يجوب القرى بحثاً عن مواطن يدفع اشتراك المياه المتراكم منذ سنوات طويلة.

عدد قليل من الاهالي يدفعون الإشتراك لسبب بسيط، فهم يدفعونه سنوياً لأصحاب الصهاريج ثمن نقلات المياه شبه اليومية، إذ تسود حالة إستياء لديهم من تفاقم الأزمة، مع كل بداية صيف، والخوف الأكبر من تعاظم المشكلة أكثر، سيما وأن لا أمطار كافية سجلت هذا العام.

مع بدء ازمة المياه، تطرح قضية “فيدرالية” المياه، بحيث تنعم قرية على حساب اخرى، والسبب إمكانيات البلدية المادية، فمعظم القرى تعتمد في مصادر مياهها على الآبار الجوفية، الى جانب آبار فخر الدين ونبع الطاسة، التي وضعت مصلحة المياه يدها عليها، وكان يفترض أن تعمل على تأمين مادة المازوت لها، وتجري صيانة لمحرّكاتها، غير أنّ ذلك لم يحصل، تارة بحجّة “ما في مازوت” وطوراً بحجّة “ما في اموال” والضحية على الدوام المواطن الذي يأكل حصرم الازمات اليومية. وجديدها ازمة المياه التي تواجه العديد من القرى، من الدوير، حاروف، الى النبطية وكفرجوز وغيرها حيث لا تهدأ حركة الصهاريج التي تمدّ الناس بالمياه بفواتير تصل الى 50 الفاً للنقلة في بعض منها، فيما الحلول تبدو غائبة كما كل عام، ويتحكّم موزّعو المياه في القرى بتوزيعها للأحياء “قديش بتدفع قديش بتنعم بالمياه”، يقول أبو محمد ابن بلدة الدوير الذي يشكو “سوء توزيع المياه في الاحياء، والمحسوبيات والرشاوى التي تتحكّم برغبة الممسكين بمفاتيح توزيعها، متسائلاً “من يحمي الموزعين كحال الفاسدين في كل لبنان”؟

وتضاف الى ازمة المياه ازمة الفواتير الوهمية التي يتفاجأ بها عدد من الأهالي، سيما في بلدة حاروف، حيث تفاجأ أبو علي بفاتورة مياه بقيمة 10 ملايين ليرة، تراكم سنوات طويلة، لمنزل مهدم لا يحتوي “عيار مياه” وفق أبو علي فإنه قبل 10 سنوات تقدّم بطلب لدى مصلحة المياه في النبطية لإيقاف الفواتير لأن المنزل مهدم ولا عيار مياه عليه، وبالتالي لا تتوجب عليه الفواتير، غير أن الشركة أرسلت فواتيرها غير القانونية، والأخطر من ذلك أنها أرسلت لعائلة أخرى فاتورة مياه بإسم ولدهم المتوفي منذ التسعينات، على عيار مياه غير موجود أصلاً، ويضع أبو ابراهيم الأمر في خانة “السرقة غير المباشرة للمواطن”، وِفقه، فإنّ الفاتورة “مشبوهة”، متسائلاً: “كيف تصدر الشركة فواتير بأشخاص متوفّين مصرّح عنهم؟ والانكى من ذلك وِفق أبو ابراهيم فإنّه كان يملك مغسل مياه قبل 15عاماً، وهو مقفل، وتقّدم بطلب لدى الشركة لايقاف الفواتير، غير أنه تفاجأ قبل اسبوع بفاتورة مياه بقيمة عشرة ملايين، تراكم سنوات، علماً أنهم حصلوا على قرار بايقاف الاشتراك، ما دفع به للتساؤل “من يتقاضى هذه الفواتير، ولماذا اليوم صدرت، وهل تذهب الى جيبة موظفي الرشوة”؟

بموازاة ازمة الفواتير المشبوهة التي تصدرها الشركة بحقّ المواطنين، وهي غير قانونية، برزت أزمة المياه أيضاً، إذ يعاني سكان حاروف كما عدد من القرى من ازمة المياه، التي لا تصل الى منازلهم سوى يوم واحد في الإسبوع، ويتكبّدون فواتير اضافية، اذ وصل سعر نقلة المياه الى الـ50 الف ليرة في بعض منها. فالمياه وِفق يوسف “غير مدعومة”، وبحسبه، فإن سبب الازمة “شحّ المازوت، بحيث تتغاضى الشركة عن تأمين المادة لمولّدات الآبار في حاروف كما في عدد من القرى، وبالتالي تتوقّف الآبار عن الضخّ. وبعد سيل مراجعات المعنيين في البلدة للشركة لتأمين المازوت ووضع حدّ للأزمات، لم يلقوا آذاناً صاغية، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تتقاضى الشركة اشتراكات مياه ولا تؤمّن المازوت لكي تصل الى المنازل؟ وهذا يشكل دافعاً للأهالي للتملّص من دفع اشتراكاتهم السنوية.

إزاء هذه المعضلة التي لا تقلّ خطورة عن معضلة السلع المدعومة المفقودة الا بالواسطة، كيف سيتحمّل المواطن مزيداً من الأعباء؟ وهل بالفعل ما زال قادراً على تحمّل شراء نقلتي مياه بـ100الف ليرة في الإسبوع؟ الجواب وِفق سهى “بالطبع لا، نحن بالكاد نؤمّن مصروف الأكل، ونجد صعوبة في تأمين ثمن المياه التي ندفعها ثلاث مرات، للشرب، وللشركة وللصهاريج”، مضيفة “كلّ سنة نأمل في أن تتحسن الأحوال، ولكن كلّ سنة أسوأ من غيرها، فلماذا لا تتسلّم البلديات الآبار وتؤمن لها المازوت، وهكذا نتخلّص من اعباء الأزمة”. فهل تنفرج الازمة؟

MTV